Sunday, June 12, 2011

شيكاجو لعلاء الأسواني


"شيكاجو" هي الرواية الثانية للروائي المصري وطبيب الأسنان علاء الأسواني، جاءت بعد روايته الأولى "عمارة يعقوبيان"، وقد تتشابه الروايتان من حيث الأسلوب الشيق الذي صنعه الكاتب من خلال أحداث روايته، وكذلك تناول الرواية للعديد من القضايا والهموم الإنسانية الظاهرة بشخصيات الرواية، لقد أبدع الأديب علاء الأسواني في خلق عالم متكامل بشخصياته المثيرة للجدل وأحداثه الصاخبة والتي نجحت بالفعل في أخذ القارىء إلى مكان آخر يتسم بالتشويق والمغامرة بكل أبعاده الفنية.


لقد إختار الكاتب مدينة شيكاجو في الولايات المتحدة مسرحاً لروايته الثانية، بحيث تدور أحداث الرواية حول مجموعة من الوافديين المصريين الذين يدرسون فيها، كذلك البعض من المهاجريين المصريين الذين إختاروا هذه المدينة للإقامة بها وبعض الشخصيات الآخرى من جنسيات مختلفة.


قد تحمل رواية شيكاجو كسابقتها "عمارة يعقوبيان" من خلال شخصياتها وأحداث الرواية للكثير من الأفكار والقضايا الهامة، والتي بالتالي تطرح العديد من الأسئلة الملحة والتي يحاول الكاتب إيجاد بعض الإجابات لها، أو على الأقل ترك الباب مفتوحاً أمام القارىء ليكتشف هو بنفسه هذا العالم وليحاول البحث عن تلك الإجابات الضائعة، وقد تكون قضية الإصطدام بعالم جديد له ثقافته المختلفة من أبرز تلك الأفكار والتي تتسم في إنعدام القيود الإجتماعية والاستبداد السياسي التي وجدت لها مساحة في تلك الرواية، وبالإضافة إلى النفاق الإجتماعي والديني وكذلك محاولة الهروب من الذات وخلق الأوهام للتمكن من ذلك، والبحث عن المعنى في الحياة بعد الإصطدام بالواقع، وهناك أيضاً قضية هامة وهي الثقافة الشرقية المتأصلة في عقل الإنسان العربي والتي مهما حاول الهروب منها أو التظاهر بذلك تظل محفورة في نفس هذا الإنسان، كذلك الحرية وكم فيها من فرص لإعادة النظر والتفكير في اسلوب الحياة والمعيشة.




Tuesday, May 3, 2011

مقابلة مع المخرج والمسرحي الكويتي سليمان البسام




مقابلة مميزة لمجلة نبراس الالكترونية أجرتها مع الاستاذ سليمان البسام

Friday, April 29, 2011

سُعار لبثينة العيسى


رواية "سُعار" للروائية الكويتية الشابة بثينة العيسى، تأتي رواية سُعار التي صَدرت في العام 2005 بعد روايتها الأولى "ارتطام لم يسمع له دويّ". لتحكي سيرة بطلتها سعاد على شقين لكل منهما زمان مختلف وطابع مغاير، لتكشف لنا جانبين مختلفين كل الإختلاف، يجتمعان في جسد واحد تلفه الحيرة والدهشة والرغبة، فتارةَ تظهر سُعاد بتلك الشخصية المسيطرة، وذلك في علاقتها مع عشيقها مشعل، وتارة تلك الفتاة التي يشع وجهها بالطفولة والبراءة، بعالم صغير جميل له حدوده البسيطة، حتى ظهر ذلك الرجل وهو صديق والدها الذي عرفته قبل أن يعرفها، ودخلت إلى عالمه قبل أن يقتحم هو عالمها الصغير، ليحطم كل حدٍ عرفته، ويكشف لها عالم صاخب عجزت هي الآخرى أن تصنع له حواجز.


سُردت بداية الرواية من نهايتها، وذلك أثناء علاقة مضطربة طغت هي بشخصيتها على عشيقها مشعل، التي أرادت هي أن تنهيها، والتي أرادت هي أيضاً عودتها من جديد عندما عرضت عليه الزواج دفعة واحدة، ليصطدم هو بذلك الطلب الذي قذفته علية هكذا بلا مبالات، وهو الذي توسل لها سابقاً لإستمرار العلاقة!!


عاشت سعاد طفولتها بعالمها الصغير، حتى وجدت نفسها داخل ذلك الدولاب، ذلك المكان ذو الحدود الضيقة، والذي من خلاله عرفت كم هو كبير هذا العالم، عندما كانت تتسلل إليه حتى يتسنى لها التلذذ بأحاديث ذلك الرجل وهو صديق والدها، عندما يأتي لزيارتهم، لتتكشف لها المحرمات والأسرار، ويغزوها الرعب والدهشة، بعالمٍ جديدٍ عابث، وبعد نشوء علاقة سرية بينها وبين ذلك الرجل، والتي تدرجت بحدتها حتى وجدت نفسها سعاداً مختفلة عن تلك التي عرفتها في البدء.


رواية شيقة وجميلة، أبدعتها الأديبة بثينة العيسى.


Sunday, April 3, 2011

على هذه الأرض ما يستحق الحياة


على هذه الأرض ما يستحق الحياة: تردد إبريل، رائحة الخبز في الفجر، آراء امرأة في الرجال، كتابات أسخيليوس، أول الحب، عشب على حجر، أمهاتٌ تقفن على خيط ناي، وخوف الغزاة من الذكريات.

على هذه الأرض ما يستحق الحياة: نهاية أيلول، سيدةٌ تترك الأربعين بكامل مشمشها، ساعة الشمس في السجن، غيمٌ يقلد سرباً من الكائنات، هتافات شعب لمن يصعدون إلى حتفهم باسمين، وخوف الطغاة من الأغنيات.

على هذه الأرض ما يستحق الحياة: على هذه الأرض سيدةُ الأرض، أم البدايات أم النهايات، كانت تسمى فلسطين، صارت تسمى فلسطين، سيدتي: أستحق لأنك سيدتي، أستحق الحياة.



Monday, February 28, 2011

الغثيان للروائي جان بول سارتر



رواية الغثيان للمفكر والروائي الفرنسي جان بول سارتر، قد تكون أحد أشهر أعماله الروائية، والتي تتمحور حول فكرة الوجودية والكينونة، والتي كتبت في أوائل القرن الماضي، وقد يجدها القارىء العربي نوعاً ما ذات طابع مختلف عن الرواية العربية، بحيث أنها تغوص في أعماق النفس البشرية والمعاناة الفردية، وهنا نستطيع القول أنها رواية نفسية بالدرجة الأولى.

تعيش رواية الغثيان في نفس بطلها "أنطوان روكنتان"، وتدور أحداث الرواية حول الهم النفسي والضجر المستمر لفكرة الوجودية، وكذلك الرهبة من العدم المنتظر، ليأتي الغثيان مفاجئاً صاحبة بهذا الكم الهائل من الهم والتفكير المستمر، لتروي يوميات بطلها بطابع نفسي عميق، وبصرف النظر عن بعض الملاحظات على الترجمة، تأتي رواية الغثيان لتأخذنا بعالم بعيد قريب بحدود زمانه ورقعة مكانه، وإليكم بعض المقتطفات من الرواية:

" هذا النوع من الاجترار المؤلم "أنني كائن" إنما أنا الذي أغذيه، أنا، إن الجسم شيء يعيش وحده بمجرد أن يبدأ، أما الفكرة "فأنا" الذي يكملها، يدحرجها: أنني كائن، وأنا أفكر بأنني كائن، اوه، يا للأنبوب الحلزوني، هذا الإحساس بالكينونة... أدحرجه، بكل تمهل... ليتني أستطيع الامتناع عن التفكير! وأحاول، فأنجح: ويخيل إلي أن رأسي يمتلىء دخاناً... وها أن الأمر يعود من جديد: " دخان... عدم التفكير... لا أريد أن أفكر... أفكر بأنني لا أريد أن أفكر، يجب أن أفكر بأنني لا أريد أن أفكر... فهذا أيضاً تفكير!! أترانا لن ننتهي أبداً ؟" انتهى ص140

" وتحك الشجرة الأرض تحت قدمي بظفر أسود، كم أود لو استسلم، لو انسى نفسي، لو أنام، ولكني لا استطيع، أنني اختنق، إن الوجود يخترقني من كل مكان، من العينين من الانف، من الفم... وفجأه، يتمزق الحجاب، لقد فهمت لقد رأيت..." انتهى ص177

" ها هو ذا ما يزال ينظر إلي، وهو سيحدثني هذه المرة، فأحسني متصلباً، ليس ما بيننا وداً: كل ما هنالك أننا متشابهان، إنه وحيد مثلي، ولكنه أشد مني إيغالاً في الوحدة، ولابد أنه ينتظر "غثيانه" أو شيئاً من هذا القبيل. وإذن، فأن هناك الآن أشخاصاً يتعرفونني ويفكرون، بعد أن يحدجوني" إن هذا منا" حسناً، ما الذي يريده؟ لابد أنه مدرك أن أحدنا لا يستطيع أن يصنع شيئاً للآخر، إن العائلات قائمة في بيوتها، وسط ذكرياتها، أمل نحن فحطامان بلا ذاكرة..." انتهى – من الغلاف الخلفي

Tuesday, February 15, 2011

ثورة على الثوريين

www.arabs48.com

بسبب ما تمر به المنطقة العربية من أحداث تتصف بالسرعة الكبيرة، وذلك في سائر الدول العربية، مما جعل تتبع الأحداث أولاً بأول بتفاصيلها عمل يتطلب المجهود المضاعف، لذا تأخرت بعض الشيء في نشر موضوع عن ما يجري الآن في العالم العربي.

تمر المنطقة العربية بظروف قد تبعث بالتغيير ليس فقط على مستوى الدول العربية، وإنما قد تطال العالم بأسره، ويمكننا القول هنا أن العالم الآن على مشارف مرحلة جديدة سوف تغير من ملامح العلاقات الدولية، سواء علاقة الغرب والولايات المتحدة مع الشرق الأوسط أو علاقة الدول العربية مع دول العالم، وكذلك مستقبل العلاقات الإسرائيلية المصرية وسائر الدول العربية.

لقد عانت المنطقة العربية سنوات طويلة من الدكتاتورية والحكم العسكري المستبد، ولقد جاءت هذه الأنظمة عن طريق إنقلابات وثورات على الإستعمار أو الأنظمة الملكية، لِتعد بمرحلة جديدة وشعارات براقة، وتطلعت الشعوب نحو الغد بأمل في حياة مختلفة تتسم ملامحها بالشعارات الزائفة التي رددها قادة وحكام، ولكن سرعان ما تغيرت بل وانقلبت بما يصب في مصلحة رأس السلطة ونظامه الذي دائماً ما يستفرد بالقرارت التي تخص شعوب بأكملها، لذا كانت هناك ثورات من قبل، وكان هناك ثوريون، ولكن طعم السلطة طاب لهم، وخدروا شعوبهم بالشعارات تارة، وبالقمع تارات، ولكن ما نشهده اليوم مختلف تماماً، فمن وقف اليوم هو الشعب، ومن قاد الثورة هم شباب، مما يهبنا الأمل بمرحلة جديدة مختلفة عما سبق.

لقد كان الحدث التونسي المشعل الحقيقي لفتيل غضب الشعوب العربية على مدى عقود، والتي أشعلها المواطن التونسي محمد البوعزيزي بعدما أقدم على حرق نفسة ليوقظ الشعوب العربية بل العالم كله من غيبوبته الطويلة، لنرى ما آلت إليه حياة المواطن العربي من ذل وإضطهاد وفقر وغياب للحريات وحقوق الإنسان، لقد تفاجأ العالم من سرعة سقوط النظام التونسي الذي يتسم بالقوة والثبات قبل زواله، لتكون ثورة شبابية بالدرجة الأولى إستطاعت أن تسقط أنظمة راسخة، وتعيد الشرعية للشعب التونسي، وتبعث بالأمل لغد أفضل.

www.w6aan.com

وتنطلق بعدها ثورة الغضب المصرية بأيام، وتسقط النظام، وبسبب الثقل الذي تحملة مصر في المنطقة، كونها قلب العالم العربي، يستوجب بنا أن نقف قليلاً عند الحدث المصري بالذات، ونطرح بعض الأسئلة المصيرية، ذلك لأن لمصر تأثير إقليمي لا يستهان به، ولو فرضنا نجاح التجربة الديمقراطية في مصر، سوف يجبر الدول العربية إلى المضي نحو هذا الطريق الذي هو ملاذنا الأخير، ولو احترمت مصر حرية التعبير والأديان والصحافة، فإن لذلك حتماً تأثير على سائر المنطقة، بالرغم أنه من الصعب تأسيس نظام ديمقراطي في دولة محاطة بدول تعاني الدكتاتورية والعكس صحيح، وكما ذكرت سلفاً وهو التحديات المستقبلية للمنطقة أبرزها العلاقات المصرية والعربية مع الغرب والولايات المتحدة، وكذلك علاقات العرب مع اسرائيل والتي تمثل مصر النافذة بينهم، وهل ستلتزم الحكومة المصرية الجديدة بمعاهدة "كامب ديفيد"، وأين هو الطرف الإيراني من كل ذلك، وماذا لو وصلت تيارات إسلامية إلى السلطة، هي أسئلة جوهرية بلا شك، والإجابات عليها سوف ترسم الملامح الجديدة للعالم العربي أجمع.

نهنئ الشعب المصري والتونسي بهذا الحدث التاريخي، وهنيئاً لجميع العرب، لنمضي نحو عالم به مزيد من الحريات والكرامة وحقوق الإنسان والديمقراطية.

Thursday, December 16, 2010

قبل السياسة: ديمقراطية لا ديمقراطيين


قد تكون السياسة هي الهاجس الأكبر لدى الكثير من المهتمين بالشأن العام، وخصوصاً في بلد يعاني الكثير من الأزمات، أبرزها عدم الاستقرار السياسي، والذي يولد المواجهة الدائمة بين السلطة والقوى السياسية بمختلف الأسباب والمطالب، حيث أنه لا يخفى على أحد الأنشغال الدائم بالقضايا السياسية ومن قِبل أعداد كبيرة من أفراد المجتمع الكويتي، وكثيراً ما تتلقى الديمقراطية أو مطبقوها الاتهامات بفشلها في الكويت، ربما تحمل هذه العبارة جزءً كبيراً من الصحة، وقد يكون الفهم لها هو نقطة الخلاف، وبعنى آخر نوع البيئة التي تمارس بها هذه الديمقراطية.

وفي بلدٍ يعج بالكثير من العراقيل بدء من المستوى الخدماتي والبنية التحتية، وصولاً إلى إختلاف المفاهيم ودور مؤسسات المجتمع، إنتهاء بإنعدام الرؤية على المدى البعيد بل وحتى القريب، لتأتي السياسة فتكون الطريق الوحيد نحو حل جذري لجميع أزمات البلد، وتخلق الأوهام لدى الشريحة الأكبر بأن الأزمة هي قضية سياسية وتجاوزها يكمن في السياسة.

قد تخوض السياسة في العديد من المواضيع والقضايا التي تهم البلاد والمواطنين بشكل عام، وقد يحاول السياسيون إيجاد حلول للمطالب والعقبات التي تواجه مختلف القطاعات، ولكن غالباً ما تفشل السياسة في إيجاد الحلول أو تصحيح المسارات، وخصوصاً على المدى البعيد، ويمكننا تفسير ذلك بأن السياسة أمر طارىء وجزئي لا يغوص في عمق القضايا والمشاكل التي يعاني منها البلد، وبالمقابل تبحث السياسة عن الحلول الآنية التي تنظر إلى كافة المسائل نظرة تغلب عليها السطحية والمباشرة، وبالتالي النتائج السريعة والمباشرة، وذلك لأجل مكتسبات إنتخابية أو إخماد الرقابة الشعبية، وكذلك الإلحاح والإعتقاد بإمكانية وجود الحلول والأهداف بأسرع ما يمكن.

لا يمكن إلقاء الخلل على عاتق السياسة وحدها، وكذلك لا يمكن البحث عن حلول لجميع مشاكلنا عن طريق الخوض بالسياسة أو تسييس الأمور، لأنه دائماً ما تضع السياسة اهدفاً، بعيدةً كانت أم قربية، لتسعى للوصول إليها بالقانون أو ثغرات القانون، وأحياناً بمخالفة القانون، وهذا ما نراه كثيراً في بلدان العالم الثالث، ذلك لأن السياسة لا تبني بلداً، ولكنها تنظم البلد وتعمل على اسقراره بعد وجوده أصلاً، أي وجود الأساس لبلد ذو قوانين مدنية، وبالتجربة الكويتية بالتحديد، ما قد يضيف من تدهور المشكلة هي الفهم لا المفهوم للسياسة والديمقراطية، بحيث أنه كلما تم الحديث عن الأوضاع السيئة للبلد تكون السياسة في صدارة الأسباب بل وحتى الحلول إن وجدت.

وجدير بالذكر أنه عندما تمت الأصلاحات السياسية في الكويت في بداية الستينيات، وتم وضع دستور ينظم البلد ويشكل العلاقة بين السلطات، بالأضافة إلى صون الحقوق المدنية، وفي ذلك الوقت يعتبر انجازاً كبيراً بالمقارنة مع الدول المحيطة، وكذلك يعد نقلة نوعية من مجتمع بسيط إلى مجتمع مؤسساتي معقد، ولكن المجتمع آنذاك لا يزال غير مهيئ لكل تلك التغيرات، بحيث أنه يستوجب أن يجاور تلك الاصلاحات السياسية برنامج حكومي يعمل على اعداد الشعب لكي يتماشى مع هذه التطورات، ولكي يتم خلق مجتمع يعي مبدأ المواطنة وأهمية تلك الحقوق المدينة، ولأن السلطة أو الأسرة لم تكن مقتنعة بهذه التغيرات، بحيث أنها فقدت حجماً كبيراً من صلاحياتها، وما أقدم علية أمير الكويت آنذاك الشيخ عبدالله السالم قد يكون بمثابة الصدمة، لهذا بدأ هذا الصراع بين الأسرة والتجار مسبقاً والذي امتد لاحقاً ليكون من بعض أفراد الأسرة وشريحة أكبر بالمجتمع الكويتي، لذا فإنه من الواضح أن نرى سياسات الحكومات السابقة وإلى الأن التي لا تريد أن تنشر الوعي الديمقراطي والمدني لأفراد المجتمع سواء من خلال التعليم أو غيره، وزرعت ثقافة المجتمع الريعي المعتمد على الحكومة، وحاربت التيارات الوطنية، وتحالفت مع تيارات الأسلام السياسي، لأن زيادة الوعي الثقافي الديمقراطي للمجتمع ليس من مصلحة السلطة وقد يفقدها حتى ما تملكه الآن.

إذن فالخروج من كل هذا التخبط لا يأتي إلا برغبة شعبية، وقد لا يأتي من السلطة نفسها، وكذلك يجب أن ندرك بأن بناء بضع منازل للمواطنيين وزيادة الرواتب من قبل الحكومة لايعتبر الأصلاح المنشود، وللأسف أن هذه الأمور هي أولويات بعض النواب، وهذا دليل قاطع بأننا لا نزال نفتقد إلى الثقافة المدينة الديمقراطية.

لا يمكن إيجاد الحلول الأنية لكل شيء، فالمسألة أعمق من ذلك بكثير، وقبل ذلك يجب أن نعرف بأن الحل لا يأتي من فرد واحد أي الأيمان بنظرية المخلص أو القائد، حيث أن العمل الجماعي من أهم الركائز التي يجب أن نتكئ عليها، والتي تحتل الديمقراطية جزء كبير منها، ولكن لن نجني ثمارها إلا بعد مراحل عديدة وبيئة مختلفة وليس بالشكل الحالي، ذلك لأن النظرة نحو الديمقراطية لا تزال قريبة من أن تكون هدف وليس وسيلة، وبالطبع تكون السياسة أمر جزئي وليس رئيسي إذا كنا فعلاً عازميين على تغيير جذري في واقع الحال.

ويمكن حصر مجموعة من الحلول التي قد ترتكز على ثلاثة قواعد، تبدأ بمؤسسات الدولة المدنية والأكاديمية، والتي لاينحصر دورها بالمطالبة بالحقوق والعمل السياسي، وإنما تدخل إلى أوصال المجتمع، وتعمل الدراسات اللازمة والعمل الأكاديمي الجاد، وتعمل كبديل جيد للشباب، وإحياء الحياة اليومية.

أما الركيزة الثانية فهي التعليم، بحيث أنه المؤسس والأساس لأجيال سليمة قادرة على فهم واحترام الحياة والمواطنة، ليكون تأثير التعليم أكبر من تأثير البيئة السائدة والنظرة العامة للأمور، وقد تكرر الحديث عن هذه القضية من قبل الكثيرين، وإن إتفق جميعنا على وجود مشكلة في التعليم، فقد لا نتفق على طريقة الحل، وقد تكون السلطة أي السياسة هي المسؤول الأول عن هذه المشكلة، ويمكن تطويرها بالمطالبات والاصرار من قبل تحركات جماعية منظمة، أي يمكن التأثير والضغط خارج نطاق السياسة لتكون رغبة شعبية قبل أن تكون حكومية أو نيابية.

أما القطب الثالث والأهم، هو دور الثقافة والمثقف، ولا أعني الثقافة بالمفهوم الحالي أو بالمفهوم المأدلج، والذي يجرد الثقافة من كل شيء، فالثقافة والمثقف يخوضان في كل موضوع، وذلك للبحث والنقد، لإيجاد الحلول والبدائل الأفضل للإنسان مهما كلف الأمر، ولذلك دائماً ما يجد المثقف العديد من الخصوم والعقبات، أهمها السلطة وبعض التيارات التي تخشى على مواقعها، وكذلك الإغراءات المادية لإفساد الضمائر، أو اللجوء إلى السياسيين وتهميش دور المثقف أو ربما لجهل دوره، فالمثقف الحر يحرك مؤسسات المجتمع والأفراد وجميع من يرغب بتحسين وضع المعيشة والحياة، وبمعنى آخر وجود وإحياء عوامل آخرى كالثقافة والأدب والفن الراقي، جنباً إلى جنب مع العمل السياسي والتعليم الجيد، سوف يخلق نوعاً من التغيير المطلوب، ليس فقط من جانب الوضع المعيشي الملموس، وإنما تغيير الناس أنفسهم وزيادة مستوى الوعي لديهم.

لا أزعم أنها الحلول الوحيدة أو الجذرية لجميع أزمات البلد، ولكنها تخرج عن نطاق السياسة إلى حد ما، وتضع جميع الأفراد في كنف المسؤولية، وهي بالطبع على المدى البعيد جداً، ولا أعني هنا التوقف التام عن العمل السياسي، ولكن يمكن اعتباره موضوع جانبي إذا اردنا الحديث عن تغيير حقيقي، وبعد الوصول إلى مراحل تقدمية معينة، تأتي السياسة لتضع اللمسات والتعاملات الأخيرة لبلد دائم ومستقر.

Wednesday, December 8, 2010

حكمة

خلاصة القضية توجز في

"عبارة"

لقد لبسنا قشرة الحضارة

والروح جاهلية

نزار قباني

Monday, November 8, 2010

الآن...هُنا لعبدالرحمن مُنيف



"حين فرغت من رواية عبد الرحمن منيف الجديدة، أحسست حلقي جافاً، وغمرني شعور ذاهل بالعار، كيف نعيش حياتنا اليومية ونساكن هذا الرعب الذي يتربص بنا هنا... والآن؟ أي صملاخ بليد يحجب عن أسماعنا الصراخ والأنين، كي نواصل نومنا كل ليلة! أي ذاكرة مثقوبة تلك التي تتيح لنا أن نتناسى الآلاف الذين يهترئون في السجون هنا... والآن! هذا عار يكاد يلامس التواطؤ، من خوفنا، وغفلتنا، وصمتنا يغزل الجلاد سياطه. ومن خوفنا، وغفلتنا، وصمتنا تغصّ بنا السجون، تغدو الحياة هنا والآن كابوساَ من الجنون والرعب.
إن رواية عبد الرحمن منيف تمزق الصمت، وتعلن الفضيحة. هذه الأوطان - السجون الفضيحة، وهؤلاء المواطنون - المساجين فضيحة، وهذا التاريخ الشرق أوسطي معتقل يستنقع في الفضيحة. ورغم أن الرواية لا تلاحق هذه الفضيحة بتنوعاتها القطرية، وتعدد مستوياتها، فإنها تتعمد أن تظل قولاً ناقصاً، قولاً لا يكتمل إلا إذا أضاف القارئ عليه موقفاً أو فعلاً
.
وبين التعرية والتحريض، وبين النمنمة الفنية والوعي التاريخي، يبني عبد الرحمن منيف رواية –شهادة، لن نستطيع الاستغناء عنها إذا أردنا أن نعرف الــ الآن
... وهنا، وإذا أردنا أن نغير الــ هنا... والآن أيضاً"

سعد الله ونوس

الرواية...