Monday, February 28, 2011

الغثيان للروائي جان بول سارتر



رواية الغثيان للمفكر والروائي الفرنسي جان بول سارتر، قد تكون أحد أشهر أعماله الروائية، والتي تتمحور حول فكرة الوجودية والكينونة، والتي كتبت في أوائل القرن الماضي، وقد يجدها القارىء العربي نوعاً ما ذات طابع مختلف عن الرواية العربية، بحيث أنها تغوص في أعماق النفس البشرية والمعاناة الفردية، وهنا نستطيع القول أنها رواية نفسية بالدرجة الأولى.

تعيش رواية الغثيان في نفس بطلها "أنطوان روكنتان"، وتدور أحداث الرواية حول الهم النفسي والضجر المستمر لفكرة الوجودية، وكذلك الرهبة من العدم المنتظر، ليأتي الغثيان مفاجئاً صاحبة بهذا الكم الهائل من الهم والتفكير المستمر، لتروي يوميات بطلها بطابع نفسي عميق، وبصرف النظر عن بعض الملاحظات على الترجمة، تأتي رواية الغثيان لتأخذنا بعالم بعيد قريب بحدود زمانه ورقعة مكانه، وإليكم بعض المقتطفات من الرواية:

" هذا النوع من الاجترار المؤلم "أنني كائن" إنما أنا الذي أغذيه، أنا، إن الجسم شيء يعيش وحده بمجرد أن يبدأ، أما الفكرة "فأنا" الذي يكملها، يدحرجها: أنني كائن، وأنا أفكر بأنني كائن، اوه، يا للأنبوب الحلزوني، هذا الإحساس بالكينونة... أدحرجه، بكل تمهل... ليتني أستطيع الامتناع عن التفكير! وأحاول، فأنجح: ويخيل إلي أن رأسي يمتلىء دخاناً... وها أن الأمر يعود من جديد: " دخان... عدم التفكير... لا أريد أن أفكر... أفكر بأنني لا أريد أن أفكر، يجب أن أفكر بأنني لا أريد أن أفكر... فهذا أيضاً تفكير!! أترانا لن ننتهي أبداً ؟" انتهى ص140

" وتحك الشجرة الأرض تحت قدمي بظفر أسود، كم أود لو استسلم، لو انسى نفسي، لو أنام، ولكني لا استطيع، أنني اختنق، إن الوجود يخترقني من كل مكان، من العينين من الانف، من الفم... وفجأه، يتمزق الحجاب، لقد فهمت لقد رأيت..." انتهى ص177

" ها هو ذا ما يزال ينظر إلي، وهو سيحدثني هذه المرة، فأحسني متصلباً، ليس ما بيننا وداً: كل ما هنالك أننا متشابهان، إنه وحيد مثلي، ولكنه أشد مني إيغالاً في الوحدة، ولابد أنه ينتظر "غثيانه" أو شيئاً من هذا القبيل. وإذن، فأن هناك الآن أشخاصاً يتعرفونني ويفكرون، بعد أن يحدجوني" إن هذا منا" حسناً، ما الذي يريده؟ لابد أنه مدرك أن أحدنا لا يستطيع أن يصنع شيئاً للآخر، إن العائلات قائمة في بيوتها، وسط ذكرياتها، أمل نحن فحطامان بلا ذاكرة..." انتهى – من الغلاف الخلفي

Tuesday, February 15, 2011

ثورة على الثوريين

www.arabs48.com

بسبب ما تمر به المنطقة العربية من أحداث تتصف بالسرعة الكبيرة، وذلك في سائر الدول العربية، مما جعل تتبع الأحداث أولاً بأول بتفاصيلها عمل يتطلب المجهود المضاعف، لذا تأخرت بعض الشيء في نشر موضوع عن ما يجري الآن في العالم العربي.

تمر المنطقة العربية بظروف قد تبعث بالتغيير ليس فقط على مستوى الدول العربية، وإنما قد تطال العالم بأسره، ويمكننا القول هنا أن العالم الآن على مشارف مرحلة جديدة سوف تغير من ملامح العلاقات الدولية، سواء علاقة الغرب والولايات المتحدة مع الشرق الأوسط أو علاقة الدول العربية مع دول العالم، وكذلك مستقبل العلاقات الإسرائيلية المصرية وسائر الدول العربية.

لقد عانت المنطقة العربية سنوات طويلة من الدكتاتورية والحكم العسكري المستبد، ولقد جاءت هذه الأنظمة عن طريق إنقلابات وثورات على الإستعمار أو الأنظمة الملكية، لِتعد بمرحلة جديدة وشعارات براقة، وتطلعت الشعوب نحو الغد بأمل في حياة مختلفة تتسم ملامحها بالشعارات الزائفة التي رددها قادة وحكام، ولكن سرعان ما تغيرت بل وانقلبت بما يصب في مصلحة رأس السلطة ونظامه الذي دائماً ما يستفرد بالقرارت التي تخص شعوب بأكملها، لذا كانت هناك ثورات من قبل، وكان هناك ثوريون، ولكن طعم السلطة طاب لهم، وخدروا شعوبهم بالشعارات تارة، وبالقمع تارات، ولكن ما نشهده اليوم مختلف تماماً، فمن وقف اليوم هو الشعب، ومن قاد الثورة هم شباب، مما يهبنا الأمل بمرحلة جديدة مختلفة عما سبق.

لقد كان الحدث التونسي المشعل الحقيقي لفتيل غضب الشعوب العربية على مدى عقود، والتي أشعلها المواطن التونسي محمد البوعزيزي بعدما أقدم على حرق نفسة ليوقظ الشعوب العربية بل العالم كله من غيبوبته الطويلة، لنرى ما آلت إليه حياة المواطن العربي من ذل وإضطهاد وفقر وغياب للحريات وحقوق الإنسان، لقد تفاجأ العالم من سرعة سقوط النظام التونسي الذي يتسم بالقوة والثبات قبل زواله، لتكون ثورة شبابية بالدرجة الأولى إستطاعت أن تسقط أنظمة راسخة، وتعيد الشرعية للشعب التونسي، وتبعث بالأمل لغد أفضل.

www.w6aan.com

وتنطلق بعدها ثورة الغضب المصرية بأيام، وتسقط النظام، وبسبب الثقل الذي تحملة مصر في المنطقة، كونها قلب العالم العربي، يستوجب بنا أن نقف قليلاً عند الحدث المصري بالذات، ونطرح بعض الأسئلة المصيرية، ذلك لأن لمصر تأثير إقليمي لا يستهان به، ولو فرضنا نجاح التجربة الديمقراطية في مصر، سوف يجبر الدول العربية إلى المضي نحو هذا الطريق الذي هو ملاذنا الأخير، ولو احترمت مصر حرية التعبير والأديان والصحافة، فإن لذلك حتماً تأثير على سائر المنطقة، بالرغم أنه من الصعب تأسيس نظام ديمقراطي في دولة محاطة بدول تعاني الدكتاتورية والعكس صحيح، وكما ذكرت سلفاً وهو التحديات المستقبلية للمنطقة أبرزها العلاقات المصرية والعربية مع الغرب والولايات المتحدة، وكذلك علاقات العرب مع اسرائيل والتي تمثل مصر النافذة بينهم، وهل ستلتزم الحكومة المصرية الجديدة بمعاهدة "كامب ديفيد"، وأين هو الطرف الإيراني من كل ذلك، وماذا لو وصلت تيارات إسلامية إلى السلطة، هي أسئلة جوهرية بلا شك، والإجابات عليها سوف ترسم الملامح الجديدة للعالم العربي أجمع.

نهنئ الشعب المصري والتونسي بهذا الحدث التاريخي، وهنيئاً لجميع العرب، لنمضي نحو عالم به مزيد من الحريات والكرامة وحقوق الإنسان والديمقراطية.