Saturday, September 25, 2010

Friday, September 17, 2010

مقابلة مع الروائي الكويتي طالب الرفاعي


مقابلة مميزة أجرتها مجلة نبراس الإلكترونية التابعة لإتحاد الطلبة في الولايات المتحدة، مقابلة رائعة مع هذه الشخصية الثقافية، مجهود جميل يخرجنا من جو مقابلات السياسة قليلاً، يعتبر الأستاذ طالب الرفاعي من أهم روائيي الكويت، حيث أن له العديد من الأعمال الرائعة والتي تتبنى المجتمع الكويتي كمادة أساسية للكتابة، وسوف نتطرق لأحد أعماله لاحقاً




Tuesday, September 14, 2010

محروقة أصابعنا


د.ابتهال عبدالعزيز الخطيب

إن العداء المرصود للفكر الليبرالي والعلماني في العالمين العربي والإسلامي لهو ظاهرة ذات جذور تاريخية نفسية تستدعي الدراسة المتعمقة، ليس فقط للجذر التاريخي ولكن للجذر النفسي الإنساني، كذلك في كيفية توارثه للضغائن عبر القرون وكيفية إسقاطه لهذه الضغائن على حاضره وما يحيط به من ظروف دون أن يعرف مصدرها الحقيقي، أو كيفية التعامل معها، والأهم كيفية التخلص منها حتى يسير متخففاً من الحقد ويصبح قادراً على التعامل مع، بل الاستفادة من، مصدر الضغينة بحد ذاته.

إن نظرة سريعة لتاريخ الدولة الإسلامية تفشي أسراراً حمراء كثيرة قد تشكل جذوراً لما نعانيه اليوم من داء الاستبداد والعنف. إلا أن هذه الدولة الإسلامية نفسها، في محطاتها المشرقة المختلفة، كانت قد بنت تقدمها الحضاري على أساس من الفكر المترجم لكبار فلاسفة الإغريق واليونان الذين كانوا مصدر الإلهام المباشر للفكر التنويري لابن رشد وللتأملات الوجودية لابن سينا وغيرهما. فإذا كانت الدولة الإسلامية قد مهدت بداية الطريق بالفكر التنويري لحضارة إنسانية بازغة لا يمكن أن تبنى إلا على أساس من الليبرالية الفكرية والسياسية والاقتصادية، فما الذي سبب 'النكسة' التي قادتنا إلى 'نكبتنا' الدامية الحالية؟ من جانب، تكالب حكام طغاة فاسدين على الشعوب العربية الإسلامية، ومن جانب آخر حل عليهم الاستعمار فيما يبدو وكأنه محاولة لإنقاذ هذه الشعوب من حكوماتهم، إلا أنه التف حبلاً مدمياً حول الأعناق مستغلاً بشراهة كل الموارد الطبيعية والقوى البشرية للمنطقة، فارضاً عليهم ثقافة اندمجوا فيها وهم يكرهونها، فدخلوا في صراع مع الذات المنقسمة الهوية وكرهوا أنفسهم قبل الغرب لاستقبال هذه الهوية، وهي كراهية ممتدة ومتوارثة إلى اليوم بصور وأنماط مختلفة.

هذا، وقد زاد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين الطين بلة، فبقي سكيناً في الخاصرة، تؤلمنا كلما حاولنا التقدم للأمام. بلا شك، خلف الاستعمار العسكري البائد والاحتلال الفلسطيني الممتد وكل ما صاحبهما من تجارب قاسية أسوأ الأثر في نفوس الشعوب العربية والإسلامية، وهو أثر ملموس تجاه كل 'فكر' يأتي من الغرب، ولكنه غير ملموس مطلقاً تجاه 'المحسوس' المستورد. هذا العداء أتى بصورة عكسية في الدول الشرق آسيوية، فاليابان مثلاً، وفي وضع متباين معنا، تناصب الغرب العداء تجاه 'المحسوس'، أما الفكر فهي ترحب به وتنهل منه، فكان أن عادلت الموازين وقلبت سحر القنبلة النووية المدمرة على الساحر. فاليابان تتحسس من استيراد أي منتوجات من الغرب، بل هي تصدر له وتترفع عليه بإمكاناتها الاقتصادية والتكنولوحية والعلمية، في حين أنها ترحب بالفكر الليبرالي الغربي الذي أصبح مصدراً رئيسياً في إلهامها والدفع أماماً بها. أما نحن، فمنذ بداية حركاتنا القومية الحديثة التي اتخذت من الفكر الغربي، لا المنتوجات الغربية، العدو اللدود لها، ونحن ندور في دوامة حارقة من كره الآخر وكره الذات. أسقطنا، وبكل أسف، كل تجاربنا المريرة السابقة، كل الذكريات التي لم نعشها وإنما توارثناها حملاً ثقيلاً، على واقعنا الفكري الحالي، فرفضنا النتاج الفكري الإنساني الأروع القادم من الغرب والذي فيه نجاتنا من دوامتنا، واستقبلنا إنتاجهم المحسوس مقنعين أنفسنا أن ليس في ذلك مذلة، لم لا نناصب 'الشفروليه' و'المرسيدس' و'البي إم دبليو' العداء، في ما نصب جام غضبنا على الفكر الليبرالي الذي، على الرغم من كون صيغته الحديثة مؤسسة غربياً، إنما هو نتاج فكر إنساني طويل لا يخص حضارة معينة بل الإنسانية جمعاء؟ لماذا نناصب العداء للفكر الليبرالي الذي أنقذ أوروبا وأميركا من دمار الحروب الدينية وأسس لحضارتها العلمية الفارعة، ونتمسح بذل قميء بكل محسوس غربي من الدبوس إلى الأقمار الصناعية؟ أوليس من الأجدى أن نستفيد من الفكر الليبرالي التقدمي الذي ساهمنا، كعرب ومسلمين، من الأساس في صنعه، لنصبح صانعين بدلاً من مستهلكين كل مؤهلاتهم نفط نَضوب؟

يبدو أن قرون الطغيان المذل قد نخرتنا 'جينياً' فأصبحنا مخلوقات غاضبة، شعوبا كاملة مصابة بالتوحد، فانكفأنا على أنفسنا لا نريد من العالم شيئاً سوى أن يدس لنا صينية الطعام من تحت عقب الباب، نأكل ونحمد الله ونبصق على اليد الممدودة، دون أدنى مبادرة منا في تعلم الطبخ، بينما كل ما نحتاج اليه هو أن نفتح الباب، نستنشق هواء الحرية، وننطلق الى المطبخ بأنفسنا، عندها نستطيع أن نصنع أشهى الأطعمة المناسبة لذائقتنا، عندها ستكون 'لقيماتنا' أشهى وهي من صنع أيادينا عوضاً عن استيرادها في علب حزينة من الغرب... (ترغبون 'بمحروق صبعه' أصلي صنع بيت؟ دونكم الليبرالية).

وكل عام والجميع بخير


Monday, September 13, 2010

عقود على الديمقراطية


منذ بداية العشرينيات من القرن الماضي ظهرت المطالبات الحقيقة لأهل الكويت بالديمقراطية أي بالمشاركة بإدارة شؤون البلاد و العمل على إبداء الرأي وصنع القرار، فقد ظهرت تلك الرغبات من خلال مطالبتهم بإنشاء مجالس تشريعية عكست مدى الوعي السياسي و الثقافي لديهم، فكان هدفهم المشاركة في السلطة.

مجلس الشورى :

كانت تجربة مجلس الشورى هي الأولى في تاريخ الكويت، رغم قصر عمر هذا المجلس و قلة إنجازاته إلا أن له التأثير الكبير على مشوار الإصلاح السياسي للبلد، ففي عام 1921 طلب عدد من التجار والشخصيات البارزة من أميرها آنذاك الشيخ أحمد الجابر بتأسيس ذلك المجلس آملين أن يكون عوناً للأمير في استشارتهم بإمور تخص البلاد، ، وافق أمير الكويت على تلك المطالب فشكل مجلس شورى تكون من إثني عشر عضواً ترأسه السيد حمد العبدالله الصقر.

لم يستمر المجلس طويلاً حيث أحل بعد بضعة شهور بسبب كثرة الخلافات بين أعضائه، وكانت لبريطانية اليد الخفية في زيادة تلك الخلافات بين أعضائه، وكذلك الضغط البريطاني المستمر على الشيخ أحمد الجابر لينهي موضوع المجلس لمصالح بريطانية والتي يسهل عملها في ظل وجود شخص واحد يمتلك السلطة، رغم بساطة هذا المجلس إلا أنه عبر عن مدى الوعي السياسي الإصلاحي، وكانت تجربة المجلس هي بداية مشوار الإصلاح السياسي بالكويت.

مجلسي البلدي والمعارف:

اراد الكويتيون أن تتكرر تجربة المجلس ولكن على أساس ديمقراطي في مطلع الثلاثينيات، حيث أن يختار الشعب أعضائه عن طريق الإنتخاب، استمر الضغط على الحكومة لإنشاء هذا المجلس الذي سوف يخلق قدر من المشاركة في إتخاذ القرارات، ففي عام 1934 قررت الحكومة إنشاء مجلس للبلدية، لكنه لم يلاقي طموحات الشعب في المجلس الذي أرادوه حيث لم ينتخب جميع أعضائه بل تم اختيار معظم أعضائه من بعض الشخصيات البارزة في المجتمع آنذاك.

استمر الضغط على الحكومة لإنشاء ذلك المجلس، فقررت إنشاء مجلس للمعارف في عام 1936 ولكنه فشل هو الآخر و لاقى مثل معوقات المجلس البلدي.

المجلس التشريعي:

بعد تلك التجارب التي لم تلقى طريقها نحو الغاية التي أرادها الكويتيون، زادت تلك المطالبات وشملت العدد الأكبر من الشعب، حيث تشكلت جمعية من ابناء الكويت سميت "الكتلة الوطنية" طالبوا فيها بإنشاء مجلس تشريعي يعمل بأسس ديمقراطية وذلك بتعيين أعضاءه عن طريق الإنتخابات الحره، واصلاح حال البلد بنشر التعليم وتطوير الخدمات الصحية و تعديل قوانين الجمارك وتوثيق العلاقات الكويتية بالدول العربية، وانهاء معاهدة الحماية البرطانية، ففي يونيو من عام 1938 قرر عدد منهم تقديم عريضة إلى أمير الكويت جاء فيها مدى حرصهم الشديد لإصلاح البلد وأهمية الشورى التي جاء بها الإسلام من خلال إنشاء ذلك المجلس، عندها تمت الموافقة على إنشاء المجلس التشريعي الذي تألف من أربعة عشر عضواً برئاسة الشيخ عبدالله السالم الصباح، تم تعيين عشرة من أعضاءه من أبناء الشعب بالإنتخاب و أربعة من أفراد الأسرة الحاكمة أيضأ عن طريق الإنتخاب، و بذلك تأسس أول مجلس تشريعي في الخليج العربي.

كان للمجلس التشريعي إنجازات عديدة تركزت في تطوير خدمات البلاد وتحسين أداءها، فقد تم إنشاء العديد من الدوائر الحكومية الجديدة منها المالية والشرطة والجوازات، بالإضافة إلى تطوير الخدمات الصحية و إصلاح نظام القضاء و زيادة صلاحيات مجلس المعارف بتطوير التعليم والإستعانة بالكفاءات العربية عن طريق جلب المدرسين من العراق وفلسطين، وكذلك تم إلغاء الضرائب على استيراد البضائع وخفض إيجارات الأسواق التجارية، و من أهم إنجازات ذلك المجلس هو إجتماع رئيس المجلس الشيخ عبدالله السالم الصباح مع أعضاءه لوضع قانون إدارة الحكم الذي لو أقر لكان الدستور الأول في تاريخ الكويت والخليج ومن الأوائل في العالم العربي، ففي يناير من عام 1939 تم وضع مسودة الدستور لإقرارها، و لكن لم تتم الموافقة عليها وأدت إلى خلاف، مما ولد فوضى عمت البلاد أدت إلى حل المجلس، و تزامن ذلك مع ظهور النفط ومخاوف الشعب من استغلال بريطانيا لتلك الثرواث.

بعد ذلك تشكل مجلس تشريعي جديد سمي مجلس الشورى تم إختيار أعضاءه بتعيين مباشر، استمر لفتره و لكنه توقف بعد فتره قيام الحرب العالمية الثانية و إنشغال البلد بتلك الأحداث، لم ينسى أهل الكويت تلك التجربة حيث سمى الشعب تلك السنة 1938 (سنة المجلس) بسبب تلك التجربة المثمره التي طورت البلاد في نواحي عديدة.

ولكن بعد أكثر من أربعين عاماً على ترسيخ مبادئ الديمقرطية و ممارسة الحياة البرلمانية، لازالت ديمقراطيتنا في مرحلتها الأولى، أي مرحلة الثابت، بما معناه أننا لا زلنا نخشى زوالها في يوم من الأيام، و هذا الوضع يعطل مصلحة البلد، فبقاء الديمقراطية على أنها غاية سيجلب العديد من الأزمات، بل ويدخلنا في صراعات لا تزول دون عواقب وخيمة، لذلك حان الوقت لتنتقل الحياة البرلمانية إلى مستوى آخر، نأكد فيه بقاء الديمقراطية في الكويت على أنها وسلية وليس هدف، و نعمل جاهدين أن ترتقي بنا إلى مستويات أفضل لمستقبلنا.

إن الديموقراطية وسيلة تهدف إلى إصلاح البلاد في إتخاذ القرارت التي صوتت عليها أغلبية الشعب مع احترام رأي الأقليات، فهنا يأتي العدل في منح الشعب حقه في المشاركة السياسية في إدارة شئون البلد، و منح الأفراد الحرية في شتى المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية، وكذلك حرية التعبير والإنتقاد البناء تحت ظل قانون صارم ينظم عمل هذه الحريات و يجنب تعطيلها، إن المشاركة الشعبية الكاملة في إتخاذ القرارات تظهر نوعاً من المساواة بين الأفراد و تولد العزيمة و الإصرار في العمل الجاد والإصلاح، إذن فصلاح البلد و إزدهاره يستوجب توفر ديموقراطية حقيقية.

___________________________

- عبدالعزيز حسين، محاضرات عن المجتمع العربي بالكويت، معهد البحوث والدراسات.

- نجاة عبدالقادر الجاسم، التطور السياسي و الإقتصادي للكويت بين الحربين، 1914-1939،الكويت.

- مفيد الزيدي، التيارات الفكرية في الخليج العربي1938-1971