Thursday, October 7, 2010

جروح الذاكرة لتركي الحمد

قد يضيع الإنسان في فهم ذاته، ويتوه في معرفة سر وجودها، فحاول منذ الأزل أن يجد لهذا اللغز حلاً يعينه على فهم ذاته التي لازالت غامضة، ليتوه بين دهاليز الزمان والمكان، هي أحد أعمال الروائي السعودي تركي الحمد، والتي عشنا بها معه وعاشت بنا في عوالم آخرى بعيدة كل البعد عن ما نتصور، وقريبة كل القرب على الذات الإنسانية، لتأتي راوية جروح الذاكرة فتحيا في عوالم آخرى وسط الواقع الدفين، لتجعلنا نتوقف قليلاً للتفكير في أنفسنا وفي حياتنا ومن هم حولنا، ولننظر إلينا وإلى هذا العالم من منظور مغاير.

هي لطيفة صالح الأثلة، التي تجسدت فيها هذه الروح الإنسانية، لتضيع بين حد زمانها ورقعة مكانها، عاشت طفولتها في إحدى قرى نجد المنسية، وأحكم الزمان قبضته على ذاكرتها هناك، لتخرج إلينا بتلك الذكريات عن الطفولة وكيفية العيش فى تلك الأيام، وما هي طبيعة الحياة، وكيف تحفر بنا من أفكار تبقى معنا حتى تحين لحظتنا، حتى وإن لم ندرك ذلك فقد تكون محفورة بنا في عقلنا اللاواعي، يتغير الحال على المنطقة بأسرها وتتغير حياة لطيفة من القرية إلى المدينة، ومن الفقر إلى الثراء، ولكن هذه الذكرايات لاتزال تحكم قبضتها عليها، وتظن لطيفة بأن هذا هو الزمان وهذه هي الحياة، جاءت فوجدتها كذلك، وجاء من هم قبلها فوجدوها كذلك، وسيأتي من بعدها ليجدها كذلك، فإما أن تسايرها وتعيش أو أن تفنى وتندثر، هذا ما تعلمته من الزمان، بصرف النظر عن ما إذا كان هذا الشيء صواب أم خطأ، فليس من حقها الإعتراض على ذلك ولا حتى النقاش فيه، فقد أصبح جزء من عقلها وأساساً لقناعاتها، وليس للناس من ذلك شيء، ولكنها تدرك لاحقاً وبعد أمدٍ طويل وعناء مريب بأنها كانت مخطئة، فالحياة هي الحياة لا تتغير ثابتة، ولكن الناس هم من يتغيرون وهم من يغيرون.

رواية رائعة...



No comments:

Post a Comment